وقال شومان بخصوص اسباب اغتيال ناهض حتر في حديث لوكالة مهر للأنباء ان هناك عوامل عدة تتداخل في قضية اغتيال الكاتب، بعضه سياسي ، وبعضه ديني ، ومنه ما يرتبط بالمناخ الدموي السائد في العالم العربي ، إلا "أني اعتقد أن ناهض حتر الذي كان يقاتل بفكره ، التكفيريين ، وحيدا ، ويرفع الصوت وحيدا ، بوجه دعاة استدعاء التاريخ والأحقاد ، بمعنى ان ناهض حتر ، لم يكن متحزباً ، ولا منتمياً إلى جماعة أو كتلة ، فاستضعفوا وحدته واستفردوه ، ومثلما قاتل وحيدا ، استشهدا وحيدا".
ورداً على سؤال مراسل وكالة مهر للأنباء حول اهمال الحكومة الاردنية في حماية حتر امام تهديدات الارهابيين، اكد المحلل السياسي اللبناني أن الحكومة الأردنية تتحمل مسؤولية بالطبع، فرئيس الحكومة هاني الملقي،كان طلب من وزير الداخلية استدعاء حتر بذريعة مس الذات الإلهية ، كما وجه مدعي عام عمان إلى ناهض حتر ، تهمة إثارة النعرات المذهبية وإهانة المعتقد الديني، وهذا بحد ذاته ، يفتح المجال أمام إثارة التكفيريين ضد حتر ، وهذا ما حدث بالفعل، فتربصوا به ، واغتالوه أمام قصر العدل ، المفترض أن يكون ملاذا للعدالة ، بما يحمله من رمزية للفصل بين المتنازعين، وبصرف النظر عن ذلك ، فإن مجرد أن يطلب رئيس الحكومة محاكمة ناهض بتهمة مس الذات الإلهية ، يكون الحكم بقتله قد صدر، لأن الدعاية المضادة لحتر ، تكون قد فعلت فعلها، وهذا ما حدث بالضبط.
وتطرق شومان الى قضية الكاريكاتير الذي يتردد انه كان اسائة للدين قائلا:بعيدا عن ذلك ، فناهض حتر، عاد ومحا رسم الكاريكاتير عن صفحته الرسمية، ومما قاله ، إن تصورات "داعش" عن رب العالمين سبحانه، مناقض لتنزيه الذات الإلهية المقدسة ، وعلى هذه الحال ، فإن تنزيه الخالق هو ما أراده ناهض حتر ، وهذا ما يخالف تصورات "داعش" وأتباعها ، حيث يقتلون ويذبحون ويسبون النساء والفتيان، تحت إثم الظن بأن رب العالمين يأمرهم بذلك.
وبخصوص اسباب توقيف وإقصاء مفكرين واشخاص مثل ناهض حتر في العالم العربي اوضح شومان ان الإشكالية تكمن في العقل العربي السائد ، الذي ينشد تقاليد الجاهلية ومرحلة ما قبل الإسلام، حيث يتم إسقاط كل مفاهيم القبيلة والعشيرة على الفقه ، فيما مثيل هذا الفقه نقيض الشريعة السمحاء ، معتبراً ان هذا الفقه القاتل وهذا الفقه االدموي ، تم إنتاجه في العصرين الأموي والعباسي وعلى قواعد إحياء النزعات الجاهلية.
وفي معرض رده على سؤال حول دور مواقف ناهض حتر السياسية تجاه سوريا وبشار الأسد في عملية اغتياله اكد الاعلامي اللبناني: أظن لموقفه من الحرب الدائرة في سوريا وعليها ،وموقفه المؤيد للرئيس السوري بشار الأسد ، دور أساسي في عملية اغتياله ، مع الإشارة هنا ، إلى كثافة المناخ الأردني المعادي للرئيس السوري، والقاتل ينتمي إلى هذا المناخ الذي يتصدره أحد أهم منظري تنظيم "القاعدة" الأردني عصام البرقاوي المعروف بأبي محمد المقدسي، واتباعه انقسموا بين مؤيدين "لداعش" ومؤيدين لجبهة "النصرة"، فيما هناك معلومات تشير إلى ان اكثر من 2000أردني شاركوا في المعارك الدائرة في سوريا والعراق ، إلى جانب القوى الإرهابية، ولا يعني ذلك ، سوى وجود مناخ غير صحي وغير سليم في الأردن ، انعكست تعبيراته الدموية في عملية اغتيال ناهض حتر.
وحول موقف المجتمع المسلم من فتوى المشايخ من قتل العلمانيين واليساريين قال شومان: للأسف ، فإن العالم العربي متشظي ومنقسم ومتفجر، وأكثر أفراده لا يلمون بخطورة اغتيال هذا او ذاك ، بغض النظر عن الإنتماء السياسي ،فعمليات الإغتيال على قاعدة مخالفة الرأي أو الفهم المغلوط ، تفتح الباب لكل حامل رصاصة أو سكين ،لقتل مخالفه في الرأي والعقيدة ، وذاك قاع الهاوية الذي يمكن ان تهبط إليه المجتمعات العربية .
وتعليقاً على منع النائب العام الاردني للجنايات الكبرى هاني فخيضة النشر في حادثة مقتل حتر بعد ساعات من اغتياله اشار شومان الى أن هناك قرارا أردنيا بالتعتيم على مرحلة ما بعد اغتيال ناهض حتر، وكدلالة على ذلك ، كان من المفترض ان تجري معي أكثر من قناة تلفزيونية أردنية ، حوارات حول خلفية اغتيال ناهض حتر وأبعاده ، وقد تم إبلاغي قبل المواعيد بفترة وجيزة ، بإلغاء هذه الحوارات ،وذلك إثر صدور قرار أردني بمنع تداول القضية في مختلف وسائل الإعلام ، بما فيها وسائل الإعلام الإجتماعي .
وحول توقعاته بشان ردود افعال المجتمع الاردني تجاه اغتيال حتر نوه شومان بان ناهض حتر لا ينتمي إلى جماعة معينة يمكن أن تأخذها عملية الإغتيال إلى ردة الفعل، فالرجل ينتمي إلى عقله دون غيره ، ولكن من دون شك ، فإن اغتيال حتر، سيترك أثرا نفسيا وأمنيا ليس قليلا في الشارع الأردني ، فضلا عن السؤال الكبير : ماذا بعد اغتيال ناهض حتر ؟ هل يتم تكميم الأصوات الناقدة ؟ وإسكات العقول المفكرة ؟ اظن ان الجواب لدى مثقفي الأردن ومفكريه وكتابه وصحافييه وأحزابه ...
أجرى الحوار: محمد مظهري
تعليقك